
2سبتمبر
المسؤولية المجتمعية يجب أن تكون مُلهمة لجميع أعمالنا
في هذه الدنيا ندرك مع مرور الوقت أننا نمارس عددًا لا بأس به من المهام والأدوار، فبالنسبة لي، على سبيل المثال، أتنقل كل يوم بين مهام الزوج والأب والمطور العقاري ورجل الأعمال، وأيضا أمارس دوري كمرشدٍ ومناصر للعدالة المسؤولية المجتمعية. من ضمن جميع التجارب والمساعي التي خضتها في حياتي، كانت إحدى الثوابت الراسخة هي إيماني المطلق بأهمية الأعمال الخيرية. دائما أخاطب نفسي بضرورة القيام بالأعمال الخيرية. هذا الأمر كان ولا زال مصدر إلهام منحني إياه الإيمان بالدين الذي أنتمي إليه. إذ أن العطاء وعمل الخير هو ثقافة أصيلة بل مطلب متجذر في الإسلام. نعم، هناك مجلدات وكتب كثيرة حول هذا الموضوع، لكن هذه الآيات المختارة من القرآن الكريم وحديث النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) هي التي تتدفعني وتشحذ همتي للقيام بتلك الأعمال. إذ أنه فيما يخص العلاقة بين الصدقة وجمع الفرد للمال لتحقيق الثروة، قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “ما نقص مال من صدقة”. كذلك، نجد أن القرآن يتحدث عن الفوائد العظيمة للصدقات، في قوله تعالى: “مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ “. هناك أمثلة عديدة عايشتها وشهدتها في حياتي تثبت هذا الحديث وأن الصدقة فعلا تزيد من ثروة الفرد، لذلك فإنني أرى أنه مع تراكم الثروة تزداد المسؤولية نحو العطاء، وكرجل أعمال، كان ولا زال مفهوم المسؤولية المجتمعية للشركات أو ما يعرف بـ CSR المكوّن الأساس للعديد من مشاريعي، إذ أن هذه الاستراتيجية تتجاوز في مفهومها مجرد الصدقة. تُعرّف الأمم المتحدة المسؤولية المجتمعية للشركات بأنها “مفهوم إداري تقوم بموجبه الشركات بدمج الشواغل البيئية والاجتماعية في سياساتها وعملياتها التجارية وتفاعلاتها مع أصحاب المصالح،” ومن خلال إدراج استراتيجية المسؤولية المجتمعية للشركات، يُعتقد أن المؤسسات التجارية يكون بمقدورها أن توازن بين تحقيق مصالح حملة الأسهم فيها من جهة وبين السعي نحو معالجة الشواغل الاجتماعية والبيئية والحاجات الاقتصادية من جهة أخرى.المسؤولية المجتمعية في شركة نوبلز القابضة Nobles Investment :
انطلاقًا من حبي لعمل الخير وخدمة المجتمع، قمت بدمج فلسفة المسؤولية المجتمعية للشركات في استراتيجية إدارة أعمالي بشكل عميق. فعلى سبيل المثال، من خلال شركتي “نوبلز القابضة”، قمنا بتقديم مئات المنح الدراسية للطلاب الموهوبين أكاديميًا والأيتام وذوي الدخل المحدود، وغيرهم من طلاب الجامعات. كما قدمت شركة “نوبلز” الدعم اللازم للتدريب المهني وطلاب المدارس الابتدائية والتعليم للأشخاص ذوي الإعاقة. إننا نعتقد أنه من خلال تخصيص موارد لتوفير الفرص التعليمية للمجتمعات التي بحاجة لرعاية، تستطيع الشركات والمؤسسات الناجحة أن يكون لها تأثير إيجابي عميق على اقتصاداتها المحلية والوطنية. فقد أظهرت الأبحاث أن الدول التي يتلقى أبناؤها تعليمًا جيدًا تشهد نموًا اقتصاديًا أسرع مقارنة بالدول التي يكون فيها العاملين أقل تعليمًا وتدريبا. لا يقتصر هذا التأثير الاقتصادي فقط على الاستثمارات في التعليم العالي ولكن يمكن رؤيته عندما يتم تخصيص موارد حتى لبرامج محو الأمية الأساسية. هناك طريقة أخرى رددنا فيها الجميل للمجتمع وهي دعم الشركات الصغيرة بالخبرات والموارد المادية بدءا من مرحلة الانطلاق حتى تحقيق الربح. انطلقنا في هذا إيمانا منا بأن عالم تهيمن فيه الشركات العملاقة على الاقتصادات العالمية، غالبًا ما لا تحظى فيه الشركات الصغيرة بالتقدير والأهمية والفرصة. نحن نرى أن الشركات الصغيرة لها أهمية عظيمة، ودور أساسي في توفير فرص عمل، وخلق الإبداع، وتعزيز الاستقلال المالي، كما تساهم بشكل كبير في زيادة النمو الاقتصادي. على سبيل المثال، فإن الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة مسؤولة عن ٦٠-٨٠ بالمائة من جميع الوظائف في البلاد. وبالمثل، حققت الشركات الصغيرة ما نسبته ٤٤ بالمائة من إجمالي لوائح الأجور والمرتبات الخاصة بالولايات المتحدة منذ ١٩٩٥.
مبادرات تعزز المسؤولية المجتمعية من شركة نوبلز القابضة :
هناك مبادرة أخرى لشركة “نوبلز” تندرج ضمن استراتيجية المسؤولية المجتمعية، وهي “برنامج المدينين” الناجح، والذي تم تخصيصه لإعادة تأهيل أرباب الأسر والمساعدة في تخفيف أعبائهم المالية. وفقًا للبنك الدولي، تعد مستويات الديون الأسرية المرتفعة مشكلة شائعة في الاقتصادات النامية والمتقدمة، وتشير الدراسات إلى أن معدلات الديون الأسرية المرتفعة بالنسبة إلى إجمالي الناتج المحلي تسهم في عدم الاستقرار المالي، والركود الاقتصادي لفترات طويلة كما وتؤدي إلى تراجع نمو الدخل على المدى الطويل. ومن خلال التعاون مع عدد من المنظمات غير الحكومية والمؤسسات شبه الحكومية أيضا، ساهمت شركة “نوبلز” في توفير السكن للعائلات المحتاجة وتأمين الدعم المادي لعدد من اللاجئين. وفي قطاع الرعاية الصحية، قدمت “نوبلز” مجموعة من المعدات لغرفة الطوارئ في مركز الملك حسين للسرطان في العاصمة الأردنية عمّان، وغطّت بعض التكاليف الطبية عن المرضى. إضافة إلى البواعث الأخلاقية الهامة لإدراج استراتيجية “المسؤولية المجتمعية للشركات” في المشاريع التجارية، أعتقد أن الشركات بالمحصلة النهائية يمكن أن تستفيد بشكل كبير عند دمجها المسؤولية المجتمعية في استراتيجية إدارتها. وفقًا للأمم المتحدة، يمكن أن تؤدي استراتيجية المسؤولية المجتمعية، في حال تنفيذها بشكل جيد، إلى أن تجني الشركة مزايا تنافسية أكبر مثل تحقيق زيادة في المبيعات، وتحسين الإنتاجية والجودة، وتعزيز صورة العلامة التجارية، وكسب ولاء الزبائن بشكل أكبر، ووصول أكبر إلى رأس المال والأسواق، بالإضافة إلى إدارة المخاطر بطريقة أكثر فعالية. إننا نعيش في عالم تتفوق فيه الشركات العملاقة غالبًا على دول قائمة وذلك عندما يتعلق الأمر بمواردها المادية وتأثيرها الاجتماعي وأثرها البيئي. وبالتالي، فإذا كان عالم الأعمال لا يدمج بشكل هادف المسؤولية المجتمعية للشركات في استراتيجياتها للنمو، فإنه من غير المرجح أن تنجح المجتمعات في شتى أنحاء العالم في معالجة التحديات الهائلة التي تواجهها في القرن الحادي والعشرين.omar ayesh © 2021